- الجبري سوفت
- 5:29 ص
- معلومات
- لاتوجد تعليقات
الحجر الأسود أشرف حجر على وجه الأرض ، وهو أشرف أجزاء البيت الحرام ، ولذا شرع تقبيله واستلامه ، ووضع الخد والجبهة عليه ، وموضعه جهة الشرق من الركن اليماني الثاني الذي هو في الجنوب الشرقي وارتفاعه من أرض المطاف متر واحد ونصف المتر ولا يمكن وصفه الآن لأن الذي يظهر منه في زماننا ونستلمه ونقبله إنما هو ثماني قطع صغيرة مختلفة الحجم أكبرها بقدر التمرة الواحدة ، وأما بقيته فداخل في بناء الكعبة المشرفة ، ويروى أن القطع تبلغ خمس عشرة قطعة إلا أن القطع السبع الأخرى مغطاة بالمعجون الذي يراه كل مستلم للحجر وهو خليط من الشمع والمسك والعنبر موضوع على رأس الحجر
أما طوله فقد رآه محمد بن نافع الخزاعي يوم اقتلعه القرامطة في القرن الرابع الهجري ورأى السواد في رأسه فقط وسائره أبيض وطوله قدر ذراع ، وأول من طوق الحجر الأسود بالفضة عبد الله بن الزبير صوناً له وتتابع من بعده الخلفاء والأغنياء وكان آخر من أهداه إطاراً قبل الدولة السعودية السلطان محمد رشاد خان سنة 1331هـ وكان من الفضة الخالصة ، وقد أصلح الملك عبد العزيز آل سعود من هذا الطوق ثم في عام 1375هـ بدل الملك سعود يرحمه الله الإطار السابق بآخر من الفضة الخالصة
وقد مرّ على الحجر الأسود حوادث كثيرة أولها ما ذكره ابن إسحاق أنه عندما أخرجت جرهم من مكة خرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة والحجر فدفنها في زمزم وانطلق ، غير أنّ امرأة من خزاعة شاهدت عملية الدفن فأخبرت قومها فأعادوه إلى مكانه ،
وفي الجاهلية أيضا كان خويلد أبو خديجة أم المؤمنين رضي الله عنه واحداً من رجالات قريش الذين سجّل التاريخ لهم مآثر في مكّة المكرّمة من أعظمها مأثرة الدفاع عن الكعبة يوم هاجمها تبع ، وأراد أن يحمل الحجر الأسود إلى اليمن .. لقد قاد خويلد جماعة من رجالات قريش ، ونازع تبعاً ليصدّه عن أخذ الحجر الأسود ، ونقله من مكانه في الكعبة المكرّمة ، فحال الله دون ما أراد تبع ، ولم يقدر على ما أراد .قال ابن الأثير : « وهو ـ خويلد ـ الذي نازع تبعاً حين أراد أخذ الحجر الأسود إلى اليمن ، فقام في ذلك الوقت خويلد ، وقام معه جماعة من قريش ، ثمّ رأى تبع في منامه ما روّعه ، فنزع عن ذلك ، وترك الحجر الأسود في مكانه »
وفي حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وقبل مبعثه الشريف أصاب الكعبة حريق صدّعَ بنيانها، وأوهن حجارتها، فحارت قريش في أمرها، وترددوا في هدمها، حتى تقدم الوليد بن المغيرة فاقتلع أول حجر منها، وشارك النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاب في نقل حجارتها مع الناقلين من بني هاشم، وهو الذي وضع الحجر الأسود في مكانه، فاستقر ببركة جهوده، بعد أن اختلف الناس واحتكموا إلى أول داخل للبيت، فكان هو صلى الله عليه وسلم أول داخل للكعبة ، فاتفقوا على تحكيمه في قصة مشهورة ترويها كتب السيرة الشريفة.
ولم يعتر الحجر الأسود نقل أو تغييب من عهد قصي إلى بناء عبد الله بن الزبير وهو أول من ربط الحجر الأسود بالفضة عندما تصدع من الأحداث التي جرت عام (64 هـ) حيث احترقت الكعبة بسبب الحرب بين ابن الزبير الذي تحصَّن داخلها ، وقائد يزيد - الحصين بن النمير- الذي رمى الكعبة بالمنجنيق ، وتطايرت النار وأحرقتها، وتكررت الفعلة سنة (73 هـ) على يد الحَجّاج ، ثم أضاف إليه الخليفة العباسي هارون الرشيد تنقيبه بالماس وأفرغ عليه الفضة
ولعل أفظع ما مرّ على الحجر الأسود حادثة القرامطة الذين أخذوا الحجر وغيبوه 22 سنة ، وردّ إلى موضعه سنة 339 هـ ، فلقد غزى أبو طاهر القرمطي القطيف واحتلها واحتل مكة المكرمة وانتهب الحجر الأسود 317هـ وفي 318هـ تقريبا سن الحج إلى الجش بالأحساء بوضع الحجر الأسود في بيت كبير في قرية الجش وأمر القرامطة سكان منطقة القطيف بالحج إلى ذلك المكان ، ولكن الأهالي رفظوا تلك الأوامر ، فقتل القرامطة أناساً كثيرين من أهل القطيف ولا زالت بعض آثار ذلك البناء باقية وهي عين الجعبة ( الكعبة) وفي ذلك يقول شاعرها المعاصر
ولو لم تكن من رياض الخلود *** لما زارها الحجر الأسود
ويقال أن أبا طاهر نقل الحجر الأسود إلى الكوفة خلال عام 330 هـ ولكنه أعيد ثانية إلى الأحساء
قال ابن كثير : وفي سنة تسع وثلاثين وثلثمائة في هذه السنة المباركة في ذي القعدة منها رد الحجر الأسود المكي إلى مكانه في البيت ، وقد بذل لهم ( أي القرامطة ) الأمير بجكم التركي خمسين ألف دينار على أن يردوه إلى موضعه فلم يفعلوا ، ثم أرسلوه إلى مكة بغير شيء على قعود فوصل في ذي القعدة من هذه السنة ولله الحمد والمنة وكان مدة مغايبته عندهم ثنتين وعشرين سنة ففرح المسلمون لذلك فرحا شديدا )
وقد وقع حادث على الحجر الأسود في آخر شهر محرم عام1351 هـ عندما اقتلعت قطعة من الحجر الأسود وعمل الأخصائيون مركبا كيماويا وأضيف إليه المسك والعنبر وبعد أن تم تركيب المركب الكيماوي أخذ الملك عبد العزيز رحمه الله قطعة الحجر بيده ووضعها في محلها تيمناً .
الحجر الأسود هو حجر بيضي الشكل، لونه أسود ضارب للحمرة، وبه نقط حمراء وتعاريج صفراء، وقطره حوالي ثلاثين سنتيمترا، ويحيط به إطار من الفضة عرضه عشرة سنتيمترات، يقع في حائط الكعبة في الركن الجنوبي الشرقي من بناء الكعبة على ارتفاع متر ونصف متر من سطح الأرض، وعنده يبدأ الطواف.
وللحجر الأسود كساء وأحزمة من فضة تحيط به حماية له من التشقق، وهناك روايات غير مؤكدة تقول: إن جبريل -عليه السلام- نزل به من السماء، أو إن هذا الحجر مما كشف عنه طوفان نوح، والمؤكد أن إبراهيم -عليه السلام- وضعه في هذا المكان علامة لبدء الطواف. ويسن تقبيله عند الطواف إذا تيسر ذلك، فإذا لم يتيسر اكتُفي بالإشارة إليه.
فضل الحجر الأسود ـ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن، فسوَّدته خطايا بني آدم" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح
ـ وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: نزل الركن الأسود من السماء فوضع على أبي قبيس "جبل" كأنه مهاة بيضاء -أي بلورة- فمكث أربعين سنة ثم وضع على قواعد إبراهيم. رواه الطبراني موقوفًا على عبد الله بن عمرو بإسناد صحيح، أي ليس مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. ـ وروى الحاكم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبَّل الحجر الأسود وبكى طويلا، ورآه عمر فبكى لما بكى، وقال: "يا عمر هنا تُسكب العبرات". وثبت أن عمر -رضي الله عنه- قال وهو يقبله: "والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك"، رواه البخاري ومسلم.
ـ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا"، رواه أحمد في مسنده عن ابن عمر. في ذلك الوادي الذي وصفه الله -تعالى- بأنه "غير ذي زرع" رفع إبراهيم وإسماعيل قواعدَ البيت الحرام، وعيونهما بين لحظة وأُخرى ترمق السماء، ويدعوان الله -تعالى- أن يتقبل عملهما ويجعله خالصاً لوجهه الكريم "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (البقرة: آية 127)، وما إن وصلا ببناء الكعبة إلى المكان الذي شاء الله -تعالى- حتى وضعا الحجر الأسود بجوار الكعبة. أحداث تاريخية حول الحجر
(1) بقيت الكعبة على هيئتها من عمارة إبراهيم -عليه السلام- حتى أتى عليها سيل عظيم انحدر من الجبال، فصدع جدرانها بعد توهينها ثم بدأت تنهدم، فاجتمع كبراء قريش، وقرّروا إعادة بنائها.. وراحت قريش تنفذ ما قررته حتى ارتفع البناء إلى قامة الرجل، وآن لها أن تضع الحجر الأسود في مكانه من الركن، اختلفت حول مَن منها يضع الحجر في مكانه، وأخذت كلّ قبيلة تطالب
بأن تكون هي التي لها ذلك الحقّ دون غيرها، وتحالف بنو عبد الدار وبنو عدي أن يحولوا بين أية قبيلة وهذا الشرف العظيم، وأقسموا على ذلك جهد أيمانهم، حتى قرّب بنو عبد الدار جفنة مملوءة دماً، وأدخلوا أيديهم فيها توكيداً لأيمانهم؛ ولذلك سُمُّوا "لَعَقَة الدم". وعظُمَ النزاع حتى كادت الحرب أن تنشب بينهم لولا أن تدخل أبو أمية بن المغيرة المخزومي بعد أن رأى ما صار إليه أمر القوم، وهو أسنُّهم، وكان فيهم شريفاً مطاعاً، فقال لهم: يا قوم، إنما أردنا البرَّ، ولم نرد الشرَّ؛ فلا تحاسدوا، ولا تنافسوا؛ فإنكم إذا اختلفتم تشتت أُموركم، وطمع فيكم غيركم، ولكن حكِّموا بينكم أول مَن يطلع عليكم من هذا الفج [أو اجعلوا الحكم بينكم أول مَن يدخل من باب الصَّفا] قالوا: رضينا وسلمنا(5).
فلما قبلوا هذا الرأي أخذوا ينظرون إلى باب الصفا منتظرين صاحب الحظّ العظيم، والشرف الرفيع الذي سيكون على يديه حقن دمائهم، وحفظ أنفسهم.. فإذا بالطلعة البهية، والنور الساطع، انظروا.. إنه محمد بن عبد الله.. إنه الصادق الأمين.. وبصوت واحد: هذا الأمين قبلناه حكمًا بيننا.. هذا الصادق رضينا بحكمه.. ثمّ تقدم نحوه كبراؤهم وزعماؤهم: يا محمد، احكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون! نظر إليهم رسولُ الله –صلّى الله عليه وآله وسلم- فرأى العداوة تبدو في عيونهم.. والغضب يعلو وجوههم.. والبغضاء تملأُ صدورهم.. أيُّ قبيلة سيكون لها هذا الشرف العظيم، والفخر الكبير، إن حكم لقبيلة دون أُخرى؟
وهل سيرضون بحكم كهذا، وقد ملئت قلوبهم بغضاً، ونفوسهم حقداً، ووضعوا أيديهم على مقابض سيوفهم، وعلت الرماح فوق رؤوسهم؟ في هذا الجو المرعب المخيف والمحاط بالشرّ، كلّ الشرّ، يقف الصادق الأمين ليعلن حكماً ينال رضاهم جميعاً، ويعيد السيوف إلى أغمادها.. الجميع سكوت ينتظر ما يقوله فتى قريش وأمينُها، وهو في هذا العمر (35 سنة) أمام شيوخ قريش وساداتها.. قال رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم-: هَلُمّ (هلمّوا) إليّ بثوب، الكلُّ ينظر إليه، ماذا يُريد بهذا محمدٌ؟ فيقول آخرون: انتظروا لنرى.
أُتي بالثوب، نشره بيديه المباركتين، رفع الحجر ووضعه وسط الثوب، ثمّ نظر إليهم وقال: ليأخذ كبيرُ كلِّ قبيلة بناحية من الثوب. فتقدّم كبراؤهم وأخذ كلّ واحد منهم بطرف من أطراف الثوب، ثم أمرهم جميعاً بحمله إلى ما يحاذي موضع الحجر من بناء الكعبة حيث محمد بانتظارهم عند الركن.. تناول الحجر من الثوب ووضعه في موضعه؛ فانحسم الخلاف، وانفضَّ النزاع بفضل حكمة الصادق الأمين، التي منعت الفتن أن تقع، وحفظتِ النفوس أن تزهق، والدماءَ أن تُراق.
(2) أزال القرامطة -عليهم من الله ما يستحقون- الحجر الأسود عام 317هـ، وقلعوه من مكانه، وقتلوا حجاج بيت الله، ودفنوا الناس أحياء في بئر زمزم الطاهرة، وذهبوا بالحجر إلى البحرين؛ فبقي إلى عام 339هـ، حيث أعاده الخليفة العبَّاسي المطيع لله إلى مكانه وصنع له طوقين من فضة، فطوقوا الحجر بها وأحكموا بناءه.
(3) في عام 363هـ دخل الحرم وقت القيلولة رجل رومي متنكِّرًا؛ فحاول قلع الحجر؛ فابتدره رجل يمني، وطعنه بخنجره فألقاه ميتًا.
(4) في عام 414هـ تقدم بعض الباطنية فطعن الحجر بدبوس؛ فقتلوه في الحال. وفي أواخر القرن العاشر جاء رجل أعجمي بدبوس في يده؛ فضرب به الحجر الأسود، وكان الأمير"ناصر جاوس" حاضرًا فوجأ (فضرب) ذلك الأعجمي بالخنجر فقتله.
(5) في آخر شهر محرم عام 1351 هـ جاء أفغاني؛ فسرق قطعة من الحجر الأسود، وسرق أيضًا قطعة من أستار الكعبة، وقطعتي فضة من المدرج الفضي؛ فأُعدِم عقوبة له وردعًا لأمثاله، ثم أُعيدت القطعة المسروقة يوم 28 ربيع الثاني من العام المذكور إلى مكانها، فوضعها الملك عبد العزيز آل سعود بعد أن وضع لها المختصون المواد التي تمسكها والممزوجة بالمسك والعنبر. وأول مَن ربط الركن الأسود بالفضة هو ابن الزبير لما أصاب الكعبة الحريق، وتصدع ثلاث قطع.
(6) في عهد السلطان عبد المجيد الثاني أرسل طوقًا من ذهب وزنه عشر أوقيات رُكِّب على الحجر الأسود بعد أن أُزيلت الفضة، وكان ذلك عام 1268هـ، ولم يُعلَم أن الحجر الأسود طُوِّقَ الذهب غير هذه المرة، ويقول الحضراوي: إن ذهب هذا الطوق من كنز وُجِدَ في شعب أجياد بمكة المكرمة.
(7) في سنة 1281هـ أرسل السلطان عبد العزيز العثماني طوقًا من فضة؛ فوُضِعَ مكان الطوق الذي أرسله السلطان عبد المجيد الثاني.
(8) في عام 1331هـ غُيِّرت الفضة المُحاطَة بالحجر الأسود، وذلك في خلافة السلطان محمد رشاد العثماني. (9) في عام 1290هـ عُمِلَ له غطاء من الفضة في وسطه، فتحته مستديرة، قطرها 27 سم يرى منها الحجر، ويُستلم.
أول من ربطه بالفضة كان ابن الزبير أول من ربط الركن الأسود بالفضة لما أصابه الحريق، ثم رقت الفضة وتزعزعت وتقلقلت حول الحجر حتى خافوا على الركن أن ينقض، فلما اعتمر هارون الرشيد سنة 189هـ أمر بالحجارة بينها الحجر الأسود فثبتت بالماس من فوقها وتحتها ثم رفع منها الفضة، وكان الذي عمل ذلك ابن الطحان مولى ابن المشمعل.
المصدر
اسلام اون لاين
أما طوله فقد رآه محمد بن نافع الخزاعي يوم اقتلعه القرامطة في القرن الرابع الهجري ورأى السواد في رأسه فقط وسائره أبيض وطوله قدر ذراع ، وأول من طوق الحجر الأسود بالفضة عبد الله بن الزبير صوناً له وتتابع من بعده الخلفاء والأغنياء وكان آخر من أهداه إطاراً قبل الدولة السعودية السلطان محمد رشاد خان سنة 1331هـ وكان من الفضة الخالصة ، وقد أصلح الملك عبد العزيز آل سعود من هذا الطوق ثم في عام 1375هـ بدل الملك سعود يرحمه الله الإطار السابق بآخر من الفضة الخالصة
وقد مرّ على الحجر الأسود حوادث كثيرة أولها ما ذكره ابن إسحاق أنه عندما أخرجت جرهم من مكة خرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة والحجر فدفنها في زمزم وانطلق ، غير أنّ امرأة من خزاعة شاهدت عملية الدفن فأخبرت قومها فأعادوه إلى مكانه ،
وفي الجاهلية أيضا كان خويلد أبو خديجة أم المؤمنين رضي الله عنه واحداً من رجالات قريش الذين سجّل التاريخ لهم مآثر في مكّة المكرّمة من أعظمها مأثرة الدفاع عن الكعبة يوم هاجمها تبع ، وأراد أن يحمل الحجر الأسود إلى اليمن .. لقد قاد خويلد جماعة من رجالات قريش ، ونازع تبعاً ليصدّه عن أخذ الحجر الأسود ، ونقله من مكانه في الكعبة المكرّمة ، فحال الله دون ما أراد تبع ، ولم يقدر على ما أراد .قال ابن الأثير : « وهو ـ خويلد ـ الذي نازع تبعاً حين أراد أخذ الحجر الأسود إلى اليمن ، فقام في ذلك الوقت خويلد ، وقام معه جماعة من قريش ، ثمّ رأى تبع في منامه ما روّعه ، فنزع عن ذلك ، وترك الحجر الأسود في مكانه »
وفي حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وقبل مبعثه الشريف أصاب الكعبة حريق صدّعَ بنيانها، وأوهن حجارتها، فحارت قريش في أمرها، وترددوا في هدمها، حتى تقدم الوليد بن المغيرة فاقتلع أول حجر منها، وشارك النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاب في نقل حجارتها مع الناقلين من بني هاشم، وهو الذي وضع الحجر الأسود في مكانه، فاستقر ببركة جهوده، بعد أن اختلف الناس واحتكموا إلى أول داخل للبيت، فكان هو صلى الله عليه وسلم أول داخل للكعبة ، فاتفقوا على تحكيمه في قصة مشهورة ترويها كتب السيرة الشريفة.
ولم يعتر الحجر الأسود نقل أو تغييب من عهد قصي إلى بناء عبد الله بن الزبير وهو أول من ربط الحجر الأسود بالفضة عندما تصدع من الأحداث التي جرت عام (64 هـ) حيث احترقت الكعبة بسبب الحرب بين ابن الزبير الذي تحصَّن داخلها ، وقائد يزيد - الحصين بن النمير- الذي رمى الكعبة بالمنجنيق ، وتطايرت النار وأحرقتها، وتكررت الفعلة سنة (73 هـ) على يد الحَجّاج ، ثم أضاف إليه الخليفة العباسي هارون الرشيد تنقيبه بالماس وأفرغ عليه الفضة
ولعل أفظع ما مرّ على الحجر الأسود حادثة القرامطة الذين أخذوا الحجر وغيبوه 22 سنة ، وردّ إلى موضعه سنة 339 هـ ، فلقد غزى أبو طاهر القرمطي القطيف واحتلها واحتل مكة المكرمة وانتهب الحجر الأسود 317هـ وفي 318هـ تقريبا سن الحج إلى الجش بالأحساء بوضع الحجر الأسود في بيت كبير في قرية الجش وأمر القرامطة سكان منطقة القطيف بالحج إلى ذلك المكان ، ولكن الأهالي رفظوا تلك الأوامر ، فقتل القرامطة أناساً كثيرين من أهل القطيف ولا زالت بعض آثار ذلك البناء باقية وهي عين الجعبة ( الكعبة) وفي ذلك يقول شاعرها المعاصر
ولو لم تكن من رياض الخلود *** لما زارها الحجر الأسود
ويقال أن أبا طاهر نقل الحجر الأسود إلى الكوفة خلال عام 330 هـ ولكنه أعيد ثانية إلى الأحساء
قال ابن كثير : وفي سنة تسع وثلاثين وثلثمائة في هذه السنة المباركة في ذي القعدة منها رد الحجر الأسود المكي إلى مكانه في البيت ، وقد بذل لهم ( أي القرامطة ) الأمير بجكم التركي خمسين ألف دينار على أن يردوه إلى موضعه فلم يفعلوا ، ثم أرسلوه إلى مكة بغير شيء على قعود فوصل في ذي القعدة من هذه السنة ولله الحمد والمنة وكان مدة مغايبته عندهم ثنتين وعشرين سنة ففرح المسلمون لذلك فرحا شديدا )
وقد وقع حادث على الحجر الأسود في آخر شهر محرم عام1351 هـ عندما اقتلعت قطعة من الحجر الأسود وعمل الأخصائيون مركبا كيماويا وأضيف إليه المسك والعنبر وبعد أن تم تركيب المركب الكيماوي أخذ الملك عبد العزيز رحمه الله قطعة الحجر بيده ووضعها في محلها تيمناً .
• الحجر الأسود في ظلال السنة
قال صلى الله عليه وسلم ( الحجر الأسود من حجارة الجنة ) (1) ( نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم ) (2) ( إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله تعالى نورهما ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب ) (3) يعني بالركن ههنا : الحجر الأسود ، وسمي ركنا لأنه مبني في الركن ( إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا ) (4) ( لولا ما مس الحجر من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي وما على الأرض شيء من الجنة غيره ) (5) ( ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق ) (6) ...المصدر:صيد الفوائد
قال صلى الله عليه وسلم ( الحجر الأسود من حجارة الجنة ) (1) ( نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم ) (2) ( إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله تعالى نورهما ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب ) (3) يعني بالركن ههنا : الحجر الأسود ، وسمي ركنا لأنه مبني في الركن ( إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا ) (4) ( لولا ما مس الحجر من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي وما على الأرض شيء من الجنة غيره ) (5) ( ليأتين هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق ) (6) ...المصدر:صيد الفوائد
قصة الحجر الأسود
أزال القرامطة -عليهم من الله ما يستحقون- الحجر الأسود عام 317هـ، وقلعوه من مكانه، وقتلوا حجاج بيت الله، ودفنوا الناس أحياء في بئر زمزم الطاهرة، وذهبوا بالحجر إلى البحرين؛ فبقي إلى عام 339هـ، حيث أعاده الخليفة العبَّاسي المطيع لله إلى مكانه وصنع له طوقين من فضة، فطوقوا الحجر بها وأحكموا بناءه. الحجر الأسود هو حجر بيضي الشكل، لونه أسود ضارب للحمرة، وبه نقط حمراء وتعاريج صفراء، وقطره حوالي ثلاثين سنتيمترا، ويحيط به إطار من الفضة عرضه عشرة سنتيمترات، يقع في حائط الكعبة في الركن الجنوبي الشرقي من بناء الكعبة على ارتفاع متر ونصف متر من سطح الأرض، وعنده يبدأ الطواف.
وللحجر الأسود كساء وأحزمة من فضة تحيط به حماية له من التشقق، وهناك روايات غير مؤكدة تقول: إن جبريل -عليه السلام- نزل به من السماء، أو إن هذا الحجر مما كشف عنه طوفان نوح، والمؤكد أن إبراهيم -عليه السلام- وضعه في هذا المكان علامة لبدء الطواف. ويسن تقبيله عند الطواف إذا تيسر ذلك، فإذا لم يتيسر اكتُفي بالإشارة إليه.
فضل الحجر الأسود ـ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن، فسوَّدته خطايا بني آدم" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح
ـ وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: نزل الركن الأسود من السماء فوضع على أبي قبيس "جبل" كأنه مهاة بيضاء -أي بلورة- فمكث أربعين سنة ثم وضع على قواعد إبراهيم. رواه الطبراني موقوفًا على عبد الله بن عمرو بإسناد صحيح، أي ليس مرفوعًا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. ـ وروى الحاكم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبَّل الحجر الأسود وبكى طويلا، ورآه عمر فبكى لما بكى، وقال: "يا عمر هنا تُسكب العبرات". وثبت أن عمر -رضي الله عنه- قال وهو يقبله: "والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك"، رواه البخاري ومسلم.
ـ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا"، رواه أحمد في مسنده عن ابن عمر. في ذلك الوادي الذي وصفه الله -تعالى- بأنه "غير ذي زرع" رفع إبراهيم وإسماعيل قواعدَ البيت الحرام، وعيونهما بين لحظة وأُخرى ترمق السماء، ويدعوان الله -تعالى- أن يتقبل عملهما ويجعله خالصاً لوجهه الكريم "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (البقرة: آية 127)، وما إن وصلا ببناء الكعبة إلى المكان الذي شاء الله -تعالى- حتى وضعا الحجر الأسود بجوار الكعبة. أحداث تاريخية حول الحجر
(1) بقيت الكعبة على هيئتها من عمارة إبراهيم -عليه السلام- حتى أتى عليها سيل عظيم انحدر من الجبال، فصدع جدرانها بعد توهينها ثم بدأت تنهدم، فاجتمع كبراء قريش، وقرّروا إعادة بنائها.. وراحت قريش تنفذ ما قررته حتى ارتفع البناء إلى قامة الرجل، وآن لها أن تضع الحجر الأسود في مكانه من الركن، اختلفت حول مَن منها يضع الحجر في مكانه، وأخذت كلّ قبيلة تطالب
بأن تكون هي التي لها ذلك الحقّ دون غيرها، وتحالف بنو عبد الدار وبنو عدي أن يحولوا بين أية قبيلة وهذا الشرف العظيم، وأقسموا على ذلك جهد أيمانهم، حتى قرّب بنو عبد الدار جفنة مملوءة دماً، وأدخلوا أيديهم فيها توكيداً لأيمانهم؛ ولذلك سُمُّوا "لَعَقَة الدم". وعظُمَ النزاع حتى كادت الحرب أن تنشب بينهم لولا أن تدخل أبو أمية بن المغيرة المخزومي بعد أن رأى ما صار إليه أمر القوم، وهو أسنُّهم، وكان فيهم شريفاً مطاعاً، فقال لهم: يا قوم، إنما أردنا البرَّ، ولم نرد الشرَّ؛ فلا تحاسدوا، ولا تنافسوا؛ فإنكم إذا اختلفتم تشتت أُموركم، وطمع فيكم غيركم، ولكن حكِّموا بينكم أول مَن يطلع عليكم من هذا الفج [أو اجعلوا الحكم بينكم أول مَن يدخل من باب الصَّفا] قالوا: رضينا وسلمنا(5).
فلما قبلوا هذا الرأي أخذوا ينظرون إلى باب الصفا منتظرين صاحب الحظّ العظيم، والشرف الرفيع الذي سيكون على يديه حقن دمائهم، وحفظ أنفسهم.. فإذا بالطلعة البهية، والنور الساطع، انظروا.. إنه محمد بن عبد الله.. إنه الصادق الأمين.. وبصوت واحد: هذا الأمين قبلناه حكمًا بيننا.. هذا الصادق رضينا بحكمه.. ثمّ تقدم نحوه كبراؤهم وزعماؤهم: يا محمد، احكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون! نظر إليهم رسولُ الله –صلّى الله عليه وآله وسلم- فرأى العداوة تبدو في عيونهم.. والغضب يعلو وجوههم.. والبغضاء تملأُ صدورهم.. أيُّ قبيلة سيكون لها هذا الشرف العظيم، والفخر الكبير، إن حكم لقبيلة دون أُخرى؟
وهل سيرضون بحكم كهذا، وقد ملئت قلوبهم بغضاً، ونفوسهم حقداً، ووضعوا أيديهم على مقابض سيوفهم، وعلت الرماح فوق رؤوسهم؟ في هذا الجو المرعب المخيف والمحاط بالشرّ، كلّ الشرّ، يقف الصادق الأمين ليعلن حكماً ينال رضاهم جميعاً، ويعيد السيوف إلى أغمادها.. الجميع سكوت ينتظر ما يقوله فتى قريش وأمينُها، وهو في هذا العمر (35 سنة) أمام شيوخ قريش وساداتها.. قال رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم-: هَلُمّ (هلمّوا) إليّ بثوب، الكلُّ ينظر إليه، ماذا يُريد بهذا محمدٌ؟ فيقول آخرون: انتظروا لنرى.
أُتي بالثوب، نشره بيديه المباركتين، رفع الحجر ووضعه وسط الثوب، ثمّ نظر إليهم وقال: ليأخذ كبيرُ كلِّ قبيلة بناحية من الثوب. فتقدّم كبراؤهم وأخذ كلّ واحد منهم بطرف من أطراف الثوب، ثم أمرهم جميعاً بحمله إلى ما يحاذي موضع الحجر من بناء الكعبة حيث محمد بانتظارهم عند الركن.. تناول الحجر من الثوب ووضعه في موضعه؛ فانحسم الخلاف، وانفضَّ النزاع بفضل حكمة الصادق الأمين، التي منعت الفتن أن تقع، وحفظتِ النفوس أن تزهق، والدماءَ أن تُراق.
(2) أزال القرامطة -عليهم من الله ما يستحقون- الحجر الأسود عام 317هـ، وقلعوه من مكانه، وقتلوا حجاج بيت الله، ودفنوا الناس أحياء في بئر زمزم الطاهرة، وذهبوا بالحجر إلى البحرين؛ فبقي إلى عام 339هـ، حيث أعاده الخليفة العبَّاسي المطيع لله إلى مكانه وصنع له طوقين من فضة، فطوقوا الحجر بها وأحكموا بناءه.
(3) في عام 363هـ دخل الحرم وقت القيلولة رجل رومي متنكِّرًا؛ فحاول قلع الحجر؛ فابتدره رجل يمني، وطعنه بخنجره فألقاه ميتًا.
(4) في عام 414هـ تقدم بعض الباطنية فطعن الحجر بدبوس؛ فقتلوه في الحال. وفي أواخر القرن العاشر جاء رجل أعجمي بدبوس في يده؛ فضرب به الحجر الأسود، وكان الأمير"ناصر جاوس" حاضرًا فوجأ (فضرب) ذلك الأعجمي بالخنجر فقتله.
(5) في آخر شهر محرم عام 1351 هـ جاء أفغاني؛ فسرق قطعة من الحجر الأسود، وسرق أيضًا قطعة من أستار الكعبة، وقطعتي فضة من المدرج الفضي؛ فأُعدِم عقوبة له وردعًا لأمثاله، ثم أُعيدت القطعة المسروقة يوم 28 ربيع الثاني من العام المذكور إلى مكانها، فوضعها الملك عبد العزيز آل سعود بعد أن وضع لها المختصون المواد التي تمسكها والممزوجة بالمسك والعنبر. وأول مَن ربط الركن الأسود بالفضة هو ابن الزبير لما أصاب الكعبة الحريق، وتصدع ثلاث قطع.
(6) في عهد السلطان عبد المجيد الثاني أرسل طوقًا من ذهب وزنه عشر أوقيات رُكِّب على الحجر الأسود بعد أن أُزيلت الفضة، وكان ذلك عام 1268هـ، ولم يُعلَم أن الحجر الأسود طُوِّقَ الذهب غير هذه المرة، ويقول الحضراوي: إن ذهب هذا الطوق من كنز وُجِدَ في شعب أجياد بمكة المكرمة.
(7) في سنة 1281هـ أرسل السلطان عبد العزيز العثماني طوقًا من فضة؛ فوُضِعَ مكان الطوق الذي أرسله السلطان عبد المجيد الثاني.
(8) في عام 1331هـ غُيِّرت الفضة المُحاطَة بالحجر الأسود، وذلك في خلافة السلطان محمد رشاد العثماني. (9) في عام 1290هـ عُمِلَ له غطاء من الفضة في وسطه، فتحته مستديرة، قطرها 27 سم يرى منها الحجر، ويُستلم.
أول من ربطه بالفضة كان ابن الزبير أول من ربط الركن الأسود بالفضة لما أصابه الحريق، ثم رقت الفضة وتزعزعت وتقلقلت حول الحجر حتى خافوا على الركن أن ينقض، فلما اعتمر هارون الرشيد سنة 189هـ أمر بالحجارة بينها الحجر الأسود فثبتت بالماس من فوقها وتحتها ثم رفع منها الفضة، وكان الذي عمل ذلك ابن الطحان مولى ابن المشمعل.
المصدر
اسلام اون لاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق